قصة سيدنا داوود عليه السلام – توليه الملك، فضائله، قصة الخصيمين، عمره و وفاته

سيدنا داوود عليه السلام هو نبي من أنبياء بني إسرائيل، و هو من الرسل الذين أنزل الله عليهم الكتاب، و الكتاب الذي أنزل عليه هو الزبور، و كان داوود عليه السلام ملكا على بني إسرائيل في بيت المقدس، و آتاه الله الملك و الحكمة و فصل الخطاب، و سخر له الجبال و الطير يسبحن معه، و ألان له الحديد فكان يصنع منه السيوف و الدروع  الأسلحة بيديه من غير نيران.

قتل داوود جالوت

و بداية قصة داوود عليه السلام حين كان مع جيش الملك طالوت الذي قص الله قصته في القرآن الكريم، و ذلك أنه عليه السلام كان في جيشه في الجهاد ضد ملك ظالم يدعى جالوت، و كان داوود عليه السلام هو من قتل جالوت، فأحبه الناس بعد ذلك و قربه طالوت منه.

تولي داوود عليه السلام الملك على بني إسرائيل

و حدثت أحداث في ذلك حتى مات طالوت و ولى بعده داوود عليه السلام، و هناك روايات يعلم الله إن كانت صحيحة أم لا حول كيف ولى طالوت داوود عليه السلام، و المهم أنه كان ملكا على بني إسرائيل، و كان ملكا عادلا يحبه الناس و يطيعونه.

فضائل داوود عليه السلام و دلائل نبوته

آتى الله داوود عليه السلام من الملك و الحكمة و القوة في الأرض ما شاء، و كان مما آتاه:

  • سخر معه الجبال و الطير يسبحن معه.
  • أنزل عليه كتاب الزبور.
  • ألان له الحديد، و كان نبيا يأكل من كسب يديه، فكان يصنع السيوف و الدروع بيديه و يبيعها، و ألان الله له الحديد فكان يصنعه من غير تلحيم و لا نيران.
  • آتاه الله فصل الخطاب، أي آتاه القدرة و الحكمة الكبيرة في الفصل بن الناس و القضاء بينهم بعدل.
  • آتاه الله صوتا جميلا جدا يقرأ به الزبور، و لهذا كانت الطير و الجبال يسبحن معه. و تحدث رسول الله ﷺ عنه في الأحاديث، مثل الحديث الذي قال فيه عن أبي موسى الأشعري: <<لقد أعطي أبو موسى مزمارا من مزامير آل داوود>> صححه الألباني.
  • كان عابدا كثير الصيام و الصلاة و قيام الليل، و كان يصوم يوما و يفطر يوما، و كان يقوم الليل و يكثر من قراءة الزبور…

قصة الخصيمين

و حدث في حياته عليه السلام أنه كان يوما في محرابه يتعبد، إذ تسور خصمان الحراب بدون إذنه، أي دخلوا عليه من فوق السور، و هذه القضية جعلها الله فتنة له يمتحنه بها، فلما دخلوا عليه فزع منهم فقالوا له: لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق و لا تشطط.

فقال أحدهما: إن هذا أخي له تسع و تسعون نعجة و لي نعجة واحدة فقال أكفلنيها و عزني في الخطاب. أي أن هذا الرجل يشتكي إلى داوود عليه السلام أن أخاه له تسع و تسعون نعجة، و هو له نعجة واحدة فقط، فقال له أكفلنيها و طمع فيها و قال له دعها لي، و عزه في الخطاب أي أصر عليه و غليه في القول حتى أخذها أو كاد أن يأخذها.

فقال له نبي الله دون أن يستمع لخصمه: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه و إن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و قليل ما هم.

خطأ داوود عليه السلام

و لما قال ذلك تفطن داوود عليه السلام و ظن أن الله قد فتنه، أي أنه علم أن الله قد فتنه و أن هذه القضية امتحان من الله، و قال ابن العثيمين رحمه الله أنه ربما حملته رغبته في العودة إلى عبادته للتسرع في الحكم دون الاستماع للخصم الآخر، و أن هذا الامتحان أرسله الله الله له لينتبه إلى أنه أغلق على نفسه المحراب أولا، و لهذا تسور الرجلان المحراب، و لينتبه إلى أنه قد يحكم بغير العدل لانشغاله بعبادة الله.

و لما أدرك داوود عليه السلام خطأه خر ساجدا إلى الله و أناب، و استغفر الله فغفر له الله، و كان سجوده هذا سجود توبة من ذنب. و هذا الذنب هو أنه حكم بين الخصمين قبل أن يستمع للخصم الآخر، هذا على حد قول ابن العثيمين رحمه الله.

و إلا فكثير من العلماء فتوقفوا في سبب توبة داوود عليه السلام و ماهية ذنبه. و هناك روايات إسرائيلية لا تصح، لا نذكرها لضعفها و لانعدام علمنا بصحتها أو كذبها.

ثم قال تعالى بعد ذلك: <<فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ ۖ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ (25) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)>> ص.

فهذا أمر من الله لداوود عليه السلام بأن يحكم بين الناس بالحق و أن لا يتبع الخوى فيضل عن سبيل الله، و هذا الأمر له و لكل الذين ولوا على الناس أن يعدلوا بينهم و لا يتبعوا الهوى، و هذه قصة عظيمة من قصص القرآن الكريم، تعلم المسلمين العدل بين الناس و الفصل بينهم بالحق.

عمر داوود عليه السلام و وفاته

و عاش داوود عليه السلام 100 سنة على الصحيح، و ذلك وارد في حديث رسول الله ﷺ عن أبي هريرة: <<لمَّا خلقَ اللَّهُ آدمَ مسحَ ظَهرَه فسقطَ من ظَهرِه كلُّ نسمةٍ هوَ خالقُها من ذرِّيَّتِه إلى يومِ القيامةِ وجعلَ بينَ عيني كلِّ إنسانٍ منهم وبيصًا من نورٍ ثمَّ عرضَهم علَى آدمَ فقالَ أي ربِّ من هؤلاءِ قالَ هؤلاءِ ذرِّيَّتُك فرأى رجلًا منهم فأعجبَه وبيصُ ما بينَ عينيهِ فقالَ أي ربِّ من هذا فقالَ هذا رجلٌ من آخرِ الأممِ من ذرِّيَّتِك يقالُ لَه داودُ فقالَ ربِّ كم جعلتَ عمرَه قالَ ستِّينَ سنةً قالَ أي ربِّ زدهُ من عمري أربعينَ سنةً فلمَّا قضيَ عمرُ آدمَ جاءَه ملَك الموتِ فقالَ أولم يبقَ من عمري أربعونَ سنةً قالَ أولم تعطِها ابنَك داودَ قالَ فجحدَ آدمُ فجحدت ذرِّيَّتُه ونسِّيَ آدمُ فنسِّيت ذرِّيَّتُه وخطئَ آدمُ فخطئت ذرِّيَّتُه>>. صححه الألباني.

فهذه من قصة آدم عليه السلام، و هي أن الله استعرض عليه ذريته فرأى داوود فسأل عنه، فلما أعجبه سأل عن عمره فقيل له 60 سنة، فسأل الله أن يزيده من عمره 40 سنة، فصار عمر داوود عليه السلام 100 سنة.

و أما وفاته فقد مات كما قلنا عن أربعين سنة، و تولى بعده ابنه سليمان عليه السلام الملك، و أوتي سليمان بعده ملكا أعظم من ملك ابيه، و لنا مقال عن قصة سليمان عليه السلام، من هنا.

ختاما

في حياة الرسل و الأنبياء عليهم السلام عبرة لأولي الألباب، كيف لا و هم خير الخلق و أشرفهم، و في حياتهم عبر جليلة و دروس رائعة لنا، و هذا من المقاصد وراء قصها علينا في القرآن العظيم، ما كان حديثا يفترى و لكن تصديق الذي بين يديه و هدى و بشرى للمؤمنين.

هذا و الله أعلم، و صل اللهم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين.

مصادر

القرآن الكريم

السنة النبوية الصحيحة –موقع حديث للتحقق من صحة الأحاديث-

كتاب قصص الأنبياء –ابن كثير-

كتاب تفسير السعدي

فتاوي الإمام ابن العثيمين رحمه الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top